أنت في غزة.
إذا اكتشفت – بعد ثلاثة أعوام من الدراسة – أن جامعتك التي تستيقظ كل يوم لها وتضع الجلّ على شعرك من أجلها، وتدرس لامتحاناتها، وتتابع أخبارها، وتمتدح طعامها .. ليست معترفة من وزارة التربية والتعليم،
فابتسم .. أنت في غزة.
إذا أصبح حلمك التاريخي هو أن تحصل على وظيفة بطالة في الوكالة لمدة ستة أشهر على بند البطالة أو لمدة ثلاثة أشهر في ألعاب الصيف بعد أن تخرجت بمعدل ممتاز قبل سنتين ،
فابتسم أنت في غزة.
إذا منّ الله عليك بوظيفة وذهبت إلى البنك لتأخذ راتبك بعملة الدولار، فأجابك الموظف بأنه ليس هناك دولار أو دينار، وعليك أن تأخذ راتبك بعملة (الشيكل) المحلية مع خسارة فرق السوق بسبب الحصار كما تعلم،
فابتسم أنت في غزة.
إذا تبخر راتبك المتواضع بعد الأسبوع الثاني من الشهر لأنك قبضت راتبك بعد نهاية الأسبوع الأول، ومطلوب منك أن تسدد دائنيك عن الشهر المنصرم والذين ينتظرونك على باب البنك، فابتسم أنت في غزة.
إذا قررت أن تعمل أعمال حرة، وفكرت في فتح محل سوبرماركت (على القد) في منطقتك، لتفاجأ بأن جارك وابن أخيك وصاحبك قد قرروا أن يفتحوا نفس المشروع في نفس المكان، فابتسم أنت في غزة.
إذا مررت بحاوية قمامة، ووجدت عائلات من القطط والكلاب تمرح وتسرح والرب راعيها، تتغذى وتتكاثر على مخلفات الناس حتى صارت بمعدل (قط لكل مواطن)،
فابتسم أنت في غزة.
إذا صدمتك الحقيقة المرة بأن أكثر من نصف الشباب المتعلمين المتأنتكين الراشين للعطر والواضعين للجل والمسبسبين القمصان والمرتدين النظارات والمشرقي الوجوه يفكرون في الهجرة إلى السويد،
فابتسم أنت في غزة.
إذا وجدت أن عدد الجمعيات الخيرية والمؤسسات الدولية أكثر من محلات البقالة وكلها تعد بتحسين الحياة وتحويل غزة إلى سنغافورة، لكنك تجد نفسك في الموزمبيق أو أريتريا،
فابتسم أنت في غزة.
إذا قطعت عشرين كيلو متراً لتختلي بنفسك بعيداً عن البشر وتفكر في مستقبلك ومشاكلك العالقة وتتأمل جمال الطبيعة قدر الإمكان، ثم يمرّ بك صديقك وابن خالتك وزوج خالة ابنة عمك وابن الجيران وصاحب الدكان وأحفاد عمك وصديق قد عفا عنه الزمن وطفل يخبرك بأنك خاله، كلهم في نفس المكان
فابتسم .. أنت في غزة.
إذا ظننت أن كل البنود أعلاه هي محض خيال ومبالغة ، وبعيدة عن الواقع، فابتسم كثيراً .
. فأنت لست من غزة