إعداد فضيلة الداعية: يوسف علي فرحات
للجهاد في الإسلام جملة من المبادئ والأخلاق والآداب يجب التقيد بها ولا يحل الخروج عليها ، وهي من العوامل التي تؤدي إلى النصر عند التزامها
أولاً : الطاعة والانضباط
من أبرز تعاليم الإسلام الحربية الانضباط والأخلاق ، وهي امتثال الأوامر وإنفاذها من غير تردد كما أنها طاعة ظاهرية وداخلية . يقول تعالى : } أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ * وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ{ [الأنفال :45-46 ] .
فهذه الآيات تدل على وجوب طاعة إمام المسلمين أو من له ولاية عامة ، كقائد الجند في المعركة ، لأن نظام الحياة الإسلامية الذي جاء به الإسلام لا ينتظم إلا بسلطان مطاع .
والطاعة أمر أساسي وركن مهم من أركان نظام الجندية في الإسلام ، وللأمير أن يفرض عقوبات متنوعة على من يخالف أوامره من الجند على اختلاف رتبهم .
ثانياً : الثبات وعدم الفرار
هناك سنة ثابتة في النصر والهزيمة من سار عليها ظفر وإن كان ملحداً أو وثنياً ، ومن تخلف عنها خسر وهزم وإن كان ولياً ، ألا وهي سنة الثبات عند مواجهة العدو ، وعدم الفرار ، وهذه السنة نوه القرآن الكريم بها في قوله تعالى : } أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ { [الأنفال :46 ] . وفي قوله تعالى :} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ* وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ { [الأنفال :16] .
ثالثاً : تحريم الأعمال غير الخلقية
من المبادئ الأخلاقية التي يجب مراعاتها أثناء القتال :
1- العدل ، ويؤخذ ذلك من قوله تعالى : }وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ {[البقرة :190] . أي أن القتال في الإسلام مقصور على المقاتلين فقط ، وقتال غيرهم من الأطفال والنساء والشيوخ والعجزة هو صورة من صور الاعتداء .
2- الإحسان في القتل ، فلا يكون تمثيل ولا تعذيب ولا تشويه لأجساد القتلى أو تركهم طعاماً للوحوش ، لذلك قال أكثر العلماء في قوله تعالى : } وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ { هو قتل النساء والأطفال والتمثيل بالقتلى .
رابعاً : عدم الغدر
لقد شدَّد الإسلام على وجوب الصدق والمحافظة عليه وهو أن يكون الإنسان أميناً مع قيادته ونفسه وأمته وأميناً على كل عهد وميثاق يلتزمه ، فلا يحل للجندي الغدر والخيانة . قال تعالى : }أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُود{ [ المائدة : 1] . وقال تعالى : }وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ{ [النحل :91 ] .
خامساً : حرمة الغلول أو الخيانة شدد الإسلام النهي عن الغلول ، وهو اغتصاب شئ من الغنائم ، فقال تعالى :} َمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ {[آل عمران :161 ] .
فالغُلُول عار ومنقصة في الدنيا وعذاب وندامة يوم القيامة ، لذا وجب على الجندي المسلم أن يترفع عما لا يليق به ، ويصحح القصد والنية